فصل: قال الشنقيطي:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



.قال القاسمي:

{وَلِلّهِ يَسْجُدُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَظِلالُهُم بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ}
إخبار عن عظمته تعالى وسلطانه الذي قهر كل شيء، بأنه يقاد لجلاله وإرادته وتصريفه المكونات بأسرها من أهل الملأ الأعلى والأسفل، طائعين وكارهين لا يقدرون أن يمتنعوا عليه، وكذا تنقاد له تعالى ظلالهم حيث تتصف على مشيئته في الامتداد والتقلص والفيء والزوال!. وقوله: {بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ} إما ظرف لـ {يسجد} والباء بمعنى في والمراد بهما الدوام؛ لأنه يذكر مثله للتأييد، وإما حال من الظلال والمراد ما ذكر. أو يقال التخصيص؛ لأن امتدادها وتقلصها فيهما أظهر. هذا ما جرى عليه الأكثر في معنى السجود فيكون استعارة للانقياد المذكور، أو مجازًا مرسلًا لاستعماله في لازم معناه؛ لأن الانقياد مطلقًا لازم للسجود.
وفي تنوير الاقتباس: تأويل السجود بالصلاة والعبادة وجعل {طوعًا وكرهًا} نشرًا على ترتيب اللف. قال: {طوعًا} أهل السماء من الملائكة؛ لأن عبادتهم بغير مشقة و{كرهًا} أهل الأرض؛ لأن عبادتهم بالمشقة، ثم قال: ويقال: {طوعًا} لأهل الإخلاص و{كرهًا} لأهل النفاق. ثم قال: {وظلالهم} يعني وظلال من يسجد لله أيضًا، وتسجد غدوة عن أيمانهم، وعشية عن شمائلهم.
قال أبو السعود: وقد قيل: إن المراد حقيقة السجود، فإن الكفرة حال الاضطرار وهو المعني بقوله تعالى: {وَكَرْهًا} يخصون السجود به سبحانه. قال تعالى: {فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} [العنكبوت: من الآية 65]، ولا يبعد أن يخلق الله تعالى في الظلال أفهامًا وعقولًا بها تسجد لله سبحانه، كما خلقها للجبال حتى اشتغلت بالتسبيح وظهر فيها آثار التجلي كما قاله ابن الأنباري. ويجوز أن يراد بسجودها: ما يشهد فيها من هيئة السجود تبعًا لأصحابها. وأنت خبير بأن اختصاص سجود الكافر حالة الضرورة والشدة، فالله سبحانه لا يجدي، فإن سجودهم لأصنامهم حالة الرخاء مخلٌّ بالقصر المستفاد من تقديم الجار والمجرور، فالوجه حمل السجود على الانقياد، ولأن تحقيق انقياد الكل في إبداع، والإعدام له تعالى أدخل في التوبيخ على اتخاذ أولياء من دونه مع تحقيق سجودهم له تعالى. وتخصيص انقياد العقلاء بالذكر مع كون غيرهم أيضًا كذلك؛ لأنهم العمدة. وانقيادهم دليل انقياد غيرهم. انتهى.
وهذه الآية كقوله تعالى: {وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} [آل عِمْرَان: من الآية 83]، وقوله: {أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى مَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ يَتَفَيَّأُ ظِلالُهُ} [النحل: من الآية 48] الآية.
تنبيه:
هذه السجدة من عزائم سجود التلاوة، فيسن للقارئ والمستمع أن يسجد عقب قراءته واستماعه لهذه السجدة. كذا في اللباب. اهـ.

.قال ابن عاشور:

{وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَظِلَالُهُمْ بِالْغُدُوِّ وَالْآَصَالِ (15)}
عطف على جملة: {له دعوة الحق} [سورة الرعد: 14] أي له دعوة الحق وله يسجد من في السماوات والأرض وذلك شعار الإلهية، فأما الدعوة فقد اختص بالحقة منها دون الباطلة، وأما السجود وهو الهويّ إلى الأرض بقصد الخضوع فقد اختص الله به على الإطلاق، لأن الموجودات العليا والمؤمنين بالله يسجدون له، والمشركين لا يسجدون للأصنام ولا لله تعالى، ولعلهم يسجدون لله في بعض الأحوال.
وعدل عن ضمير الجلالة إلى اسمه تعالى العَلَم تبعًا للأسلوب السابق في افتتاح الأغراض الأصلية.
والعموم المستفاد من {مَن} الموصولة عموم عرفي يراد به الكثرة الكاثرة.
والمقصود من: {طوعًا وكرهًا} تقسيم أحوال الساجدين.
والمراد بالطوع الانسياق من النفس تقرّبًا وزُلفى لمحض التعظيم ومحبة الله.
وبالكَره الاضطرار عند الشدة والحاجة كما في قوله تعالى: {ثم إذا مسكم الضر فإليه تجأرون} [سورة النحل: 53].
ومنه قولهم: مُكره أخُوك لا بَطل، أي مضطر إلى المقاتلة وليس المراد من الكَره الضغط والإلجاء كما فسر به بعضهم فهو بعيد عن الغرض كما سيأتي.
والظلال: جمع ظل، وهو صورة الجسم المنعكس إليه نور.
والضمير راجع إلى {من في السماوات والأرض} مخصوصٌ بالصالح له من الأجسام الكثيفة ذات الظل تخصيصًا بالعقل والعادة، وهو عطف على: {من}، أي يسجد مَن في السماوات وتسجد ظِلالهم.
والغدُوّ: الزمان الذي يغدو فيه الناس، أي يخرجون إلى حوائجهم: إما مصدرًا على تقدير مضاف، أي وقت الغدو؛ وإما جمع غُدوة، فقد حكي جمعها على غُدوّ، وتقدم في آخر سورة الأعراف.
والآصال: جمع أصيل، وهو وقت اصفرار الشمس في آخر المساء، والمقصود من ذكرهما استيعاب أجزاء أزمنة الظل.
ومعنى سجود الظلال أن الله خلقها من أعراض الأجسام الأرضية، فهي مرتبطة بنظام انعكاس أشعة الشمس عليها وانتهاء الأشعة إلى صلابة وجه الأرض حتى تكون الظلال واقعة على الأرض وُقوعَ الساجد، فإذا كان من الناس من يأبى السجود لله أو يتركه اشتغالًا عنه بالسجود للأصنام فقد جعل الله مثاله شاهدًا على استحقاق الله السجود إليه شهادة رمزية.
ولو جعل الله الشمس شمسين متقابلتين على السواء لانعدمت الظلال، ولو جعل وجه الأرض شفافًا أو لامعًا كالماء لم يظهر الظل عليه بيّنا.
فهذا من رموز الصنعة التي أوجدها الله وأدقّها دقة بديعة.
وجعل نظام الموجودات الأرضية مهيئة لها في الخلقة لحكم مجتمعة، منها: أن تكون رموزًا دالّة على انفراده تعالى بالإلهية، وعلى حاجة المخلوقات إليه، وجعل أكثرها في نوع الإنسان لأن نوعه مختص بالكفران دون الحيوان.
والغرض من هذا الاستدلال الرمزي التنبيه لدقائق الصنع الإلهي كيف جاء على نظام مطّرد دال بعضه على بعض، كما قيل:
وفي كل شيء له آية تدلّ ** على أنه الواحد

والاستدلال مع ذلك على أن الأشياء تسجد لله لأن ظلالها واقعة على الأرض في كل مكان وما هي مساجد للأصنام وأن الأصنام لها أمكنة معينة هي حماها وحريمها وأكثر الأصنام، في البيوت مثل: العزى وذي الخلصة وذي الكعبات حيث تنعدم الظلال في البيوت.
وهذه الآية موضع سجود من سجود القرآن، وهي السجدة الثانية في ترتيب المصحف باتفاق الفقهاء.
ومن حكمة السجود عند قراءتها أن يضع المسلم نفسه في عداد ما يسجد لله طوعًا بإيقاعه السجود.
وهذا اعتراف فعلي بالعبودية لله تعالى.
{قُلْ مَن رَّبُّ السماوات والأرض قُلِ الله قُلْ أفاتخذتم مِّن دُونِهِ أَوْلِيَاءَ لاَ يَمْلِكُونَ لأَنْفُسِهِمْ نَفْعًا وَلاَ ضَرًّا}
لما نهضت الأدلة الصريحة بمظاهر الموجودات المتنوعة على انفراده بالإلهية من قوله: {الله الذي رفع السماوات بغير عمد ترونها} [سورة الرعد: 2] وقوله: {وهو الذي مدّ الأرض} [سورة الرعد: 3] وقوله: {الله يعلم ما تحمل كل أنثى} [سورة الرعد: 8] وقوله: {هو الذي يريكم البرق} [سورة الرعد: 12] الآيات، وبما فيها من دلالة رمزية دقيقة من قوله: {له دعوة الحق} [سورة الرعد: 14] وقوله: {ولله يسجد من في السماوات} [سورة الرعد: 15] إلى آخرها لا جرم تهيّأ المقام لتقرير المشركين تقريرًا لا يجدون معه عن الإقرار مندوحة، ثم لتقريعهم على الإشراك تقريعًا لا يسعهم إلاّ تجرّع مرارته، لذلك استؤنف الكلام وافتتح بالأمر بالقول تنويهًا بوضوح الحجة.
ولكون الاستفهام غير حقيقي جاء جوابه من قِبَل المستفِهم.
وهذا كثير في القرآن وهو من بديع أساليبه، كقوله: {عم يتساءلون عن النبأ العظيم} [سورة النبأ: 1 2].
وتقدم عند قوله تعالى: {قل لمن ما في السماوات والأرض قل لله كتب على نفسه الرحمة} في سورة الأنعام [12].
وإعادة فعل الأمر بالقول في {قل أفاتخذتم من دونه أولياء} الذي هو تفريع على الإقرار بأن الله ربّ السماوات والأرض لقصد الاهتمام بذلك التفريع لما فيه من الحجة الواضحة.
فالاستفهام تقرير وتوبيخ وتسفيه لرأيهم بناءً على الإقرار المسلّم.
وفيه استدلال آخر على عدم أهلية أصنامهم للإهلية فإن اتخاذهم أولياء من دونه معلوم لا يحتاج إلى الاستفهام عنه.
وجملة: {لا يملكون} صفة ل: {أولياء}، والمقصود منها تنبيه السامعين للنظر في تلك الصفة فإنهم إن تدبروا علموها وعلموا أن من كانت تلك صفته فليس بأهل لأن يعبد.
ومعنى الملك هنا القدرة كما في قوله تعالى: {قل أتعبدون من دون الله ما لا يملك لكم ضرًا ولا نفعًا} في سورة العقود [76].
وفي الحديث: أوَ أمْلِك لك أنْ نزع الله من قلبك الرحمة.
وعطف الضر على النفع استقصاء في عجزهم لأن شأن الضرّ أنه أقرب للاستطاعة وأسهل.
{قُلْ هَلْ يَسْتَوِى الاعمى والبصير أَمْ هَلْ تَسْتَوِى الظلمات والنور}
إعادة الأمر بالقول للاهتمام الخاصّ بهذا الكلام لأن ما قبله إبطال لاستحقاق آلهتهم العبادة.
وهذا إظهار لمزية المؤمنين بالله على أهل الشرك، ذلك أن قوله: {قل من رب السماوات والأرض قل الله} تضمّن أن الرسول عليه السلام دعا إلى إفراد الله بالربوبية وأن المخاطبين أثبتوا الربوبية للأصنام فكان حالهم وحاله كحال الأعمى والبصير وحال الظلمات والنور.
ونفي التسوية بين الحالين يتضمن تشبيهًا بالحالين وهذا من صيغ التشبيه البليغ.
و{أم} للإضراب الانتقالي في التشبيه.
فهي لتشبيه آخر بمنزلة: {أو} في قول لبيد:
أوْ رَجْعُ واشمة أسف نؤورها

وقوله تعالى: {أو كصيب من السماء}.
وأظهر حرف: {هل} بعد: {أم} لأن فيه إفادة تحقيق الاستفهام.
وذلك ليس مما تغني فيه دلالة: {أم} على أصل الاستفهام ولذلك لا تظهر الهمزة بعد: {أم} اكتفاء بدلالة: {أم} على تقدير استفهام.
وجمع الظلمات وإفراد النور تقدم عند قوله تعالى: {وجعل الظلمات والنور} في أول سورة الأنعام [1].
واختير التشبيه في المتقابلات العَمَى والبصر، والظلمة والنور، لتمام المناسبة لأن حال المشركين أصحاب العمى كحال الظلمة في انعدام إدراك المبصرات، وحال المؤمنين كحال البصر في العلم وكحال النور في الإفاضة والإرشاد.
وقرأ الجمهور {تستوى الظلمات} بفوقية في أوله مراعاة لتأنيث الظلمات.
وقرأ حمزة، والكسائي، وأبو بكر عن عاصم، وخلف بتحتية في أوله وذلك وجه في الجمع غير المذكر السالم. اهـ.

.قال الشنقيطي:

{وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَظِلَالُهُمْ بِالْغُدُوِّ وَالْآَصَالِ (15)}
بين تعالى في هذه الآية الكريمة أنه يسجد له أهل السموات والأرض طوعًا وكرهًا وتسجد له ظلالهم بالغدو والآصال. وذكر أيضًا سجود الظلال، وسجود أهل السموات والأرض في قوله: {أَوَ لَمْ يَرَوْاْ إلى مَا خَلَقَ الله مِن شَيْءٍ يَتَفَيَّأُ ظِلاَلُهُ عَنِ اليمين والشمائل سُجَّدًا لِلَّهِ وَهُمْ دَاخِرُونَ وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَا فِي السماوات وَمَا فِي الأرض مِن دَآبَّةٍ والملائكة وَهُمْ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ} [النحل: 48-49] إلى قوله: {يُؤْمَرُونَ} [النحل: 50] واختلف العلماء في المراد بسجود الظل وسجود غير المؤمنين فقال بعض العلماء سجود من في السموات والأرض من العام المخصوص فالمؤمنون والملائكة يسجدون لله سجودًا حقيقيًا وهو وضع الجبهة على الأرض يفعلون ذلك طوعًا والكفار يسجدون كرهًا أعني المنافقين لأنهم كفار في الباطن ولا يسجدون لله إلا كرهًا كما قال تعالى: {وَإِذَا قاموا إِلَى الصلاة قَامُواْ كسالى يُرَاءُونَ الناس} [النساء: 142] الآية وقال تعالى: {وَمَا مَنَعَهُمْ أَن تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلاَّ أَنَّهُمْ كَفَرُواْ بالله وَبِرَسُولِهِ وَلاَ يَأْتُونَ الصلاة إِلاَّ وَهُمْ كسالى وَلاَ يُنفِقُونَ إِلاَّ وَهُمْ كَارِهُونَ} [التوبة: 54] والدليل على أن سجود أهل السموات والأرض من العلم المخصوص، قوله تعالى في سورة الحج: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ الله يَسْجُدُ لَهُ مَن فِي السماوات وَمَن فِي الأرض والشمس والقمر والنجوم والجبال والشجر والدوآب وَكَثِيرٌ مِّنَ الناس وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ العذاب} [الحج: 18]. فقوله: {وَكَثِيرٌ مِّنَ الناس} دليل على أن بعض الناس غير داخل في السجود المذكور وهذا قول الحسن وقتادة وغيرهما وذكره الفراء وقيل الآية عامة والمراد بسجود المسلمين طوعًا انقيادهم لما يريد الله منهم طوعًا والمراد بسجود الكافرين كرهًا انقيادهم لما يريد الله منهم كرهًا لأن إرادته نافذة فيهم وهم منقادون خاضعون لصنعه فيهم ونفوذ مشيئته فيهم وأصل السجود في لغة العرب الذل والخضوع ومنه قول زيد الخيل:
يجمع فضل البلق في حجراته ** ترى الأكم فيها سجدًا للحوافر

ومنه قول العرب أسجد إذا طأطأ رأسه وانحنى قال حميد بن ثور:
فلما لوين على معصم ** وكف خضيب وأسوارها

فضول أزمتها أسجدت ** سجود النصارى لأحبارها

وعلى هذا القول فالسجود لغوي لا شرعي، وهذا الخلاف المذكور جار أيضًا في سجود الضلال فقيل سجودها حقيقي والله تعالى قادر على أن يخلق لها إدراكًا تدرك به وتسجد لله سجودًا حقيقيًا وقيل سجودها مليها بقدرة الله أول النهار إلى جهة المغرب وآخره إلى جهة المشرق وادعى من قال هذا أن الظل لا حقيقة له لأنه خيال فلا يمكن منه الإدراك.
ونحن نقول: إن الله جل وعلا قادر على كل شيء فهو قادر على أن يخلق للظل إدراكًا يسجد به لله تعالى سجودًا حقيقيًا والقاعدة المقررة عند علماء الأصول هي حمل نصوص الوحي على ظواهرها إلا بدليل من كتاب أو سنة ولا يخفى أن حاصل القولين:-
أن أحدهما: أن السجود شرعي وعيه فهو في أهل السموات والأرض من العام المخصوص.
والثاني: أن السجود لغوي بمعنى الانقياد والذل والخضوع وعليه فهو باق على عمومه والمقرر في الأصول عند المالكية والحنابلة وجماعة من الشافعية أن النص إن دار بين الحقيقة الشرعية والحقيقة اللغوية حمل على الشرعية وهو التحقيق خلافًا لأبي حنيفة في تقديم اللغوية ولمن قال يصير اللفظ مجملًا لاحتمال هذا وذاك وعقد هذه المسالة صاحب مراقي السعود بقوله:-
واللفظ محمول على الشرعي ** إن يكن فمطلق العرفي

فاللغوي على الجلي ولم يجب ** بحث عن المجاز في الذي انتخب

وقيل المراد بسجود الكفار كرها سجود ظلالهم كرهًا وقيل الآية في المؤمنين فبعضهم يسجد طوعًا لخفة امتثال أوامر الشرع عليه وبعضهم يسجد كرهًا لثقل مشقة التكليف عليه مع أن إيمانه يحمله على تكلف ذلك والعلم عند الله تعالى.
وقوله تعالى: {بالغدو} يحتمل أن يكون مصدرًا أو يحتمل أن يكون كمع غداة والآصال جمع اصل بضمتين وهو جمع أصيل وهو ما بين العصر والغروب ومنه قول أبي ذؤيب الهذلي:
لعمري لأنت البيت أكرم أهله ** وأقعد في أفيائه بالأصائل

.اهـ.